السبت، 10 مارس 2012

الفساد و البطالة و النمو الإقتصادي في الأردن


تعتمد التنمية الاقتصادية على بعض المبادئ الأساسية  والتي تبنى على أساسها السياسات الاقتصادية،  منها أن النمو الاقتصادي بمعني معدل الزيادة السنوية في الناتج المحلي الإجمالي لأي اقتصاد يرتبط بمؤشرات اقتصادية مهمة  منها أن النمو الاقتصادي لا بد و أن يؤدي إلى  تقليل البطالة حيث تشير الدراسات إلى أن زيادة معدل النمو بمقدار  نقطة مئوية واحدة يرتبط بانخفاض معدل البطالة بمقدار نقطتين مئويتين على الأقل. كما أن النمو الحقيقي يرتبط بمعدل تضخم منخفض نسبيا لا يتجاوز 5%كمعدل مقبول على ان أتزيد الرواتب و الأجور بنفس النسبة على الأقل، هذا بالإضافة إلى استقرار أسعار الصرف و غير ذلك من المؤشرات.
في الأردن تشير الدراسات إلى  أن الاقتصاد حقق معدلات نمو تزيد عن 5% في السنوات السابقة مع انخفاضه عن أل  5%في بعض السنوات ، إلا أن هذا النمو ارتبط  بارتفاع معدلات البطالة و خاصة بين المتعلمين فمع ما تحقق من نمو في الأردن يلاحظ انخفاض معدل البطالة بين غير المتعلمين الذين يقل مستواهم التعليمي عن الثانوية العامة أما معدلات البطالة بين المتعلمين ممن يحملون الشهادة الجامعية فق تزايد مع النمو . و مع افتراض صحة البيانات الأردنية وهي كذلك ،قد يعود هذا إلى طبيعة النمو الذي اعتمد على  المشاريع الاقتصادية و خاصة مشاريع الاستثمار الأجنبي التي تعتمد على توظيف الكثير من عديمي أو قليلي المهارة و الأجور المنخفضة ولا يقوم على البحث و التطوير بل يقوم على تكنولوجيا قديمة و مستوردة لا يتم تطويرها . كما أن للفساد دور كبير في هذا . فحسب الدراسات الدولية التي تشير إلى أن الفساد افقد الدول النامية نقطة إلى نقطتين مئويتين من النمو سنويا فإذا استخدمنا التقدير المنخفض الذي يقول بخسارة الأردن نقطة واحدة فقط فإن الأردن خسر نقطتين مئويتين من العمالة أي أن البطالة زادت نقطتين لكل سنة . و لما كانت البطالة تقاس كنسبة من قوة العمل و التي تبلغ في الأردن أكثر من 1.25 مليون عامل فإن خسارة الأردن نتيجة الفساد تزيد عن 25000 فرصة عمل سنويا  وعلى افتراض أن متوسط لأجر في الأردن حوالي 500 دينار شهريا فإن خسارة الأردن من الفساد تزيد عن 12.5 مليون دينار شهريا من الأجور فقط وهذا تقدير متحفظ , فحجم الفساد الذي يتكشف يرجح خسارة الأردن نقطتين مئويتين من النمو سنويا أي 25مليون دينا شهريا من الأجور فقط . أي 300 مليون دينار سنويا .
ويساهم طبيعة النمو هذا بارتفاع معدل التضخم إلى معدلات كبيرة تسبيا على الرغم من أن الأرقام الرسمية و المعلنة ليست مرتفعة إلا أن الأردنيون يشعرون بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير آخرها أسعار الكهرباء و المواصلات و الخبز.  
لا زالت السياسة المالية الحكومية مقتصرة على الجباية لتقليل العجز لذالك فإن الخلل الذي أصاب هيكل الاقتصاد يحتاج إلى مدة طويلة لتصحيحه و يسبب ارتفاع في معدلات البطالة التي لا تتأثر بالسياسات الاقتصادية المالية و النقدية والتي يسميها الاقتصاديون البطالة الهيكلية.
من ناحية أخرى تشير بعض الدراسات إلى أن تكلفة خلق فرصة عمل واحدة لعامل قليل المهارة لا تقل عن 20 ألف دينار و أن  تكلفة فرصة العمل لعامل ماهر أو متعلم لا تقل عن خمسة أضعاف هذا الرقم أي 100الف دينار، لذلك فإن تخفيض معدل البطالة ليصبح 7% فقط سيحتاج إلى 750مليون دينار من الاستثمارات المنتجة وليس الاستثمارات المالية التي لا تخلق فرص عمل وخاصة مع سياسات الجباية التي تتبعها الحكومة و الفساد المستشري في القطاع الخاص و الحكومة .
للعلم فقط حقق الأردن على مؤشر مكافحة الفساد الذي تتراوح قيمته بين الصفر (عدم مكافحة الفساد) و 6 ( أقصى درجات مكافحة الفساد)   3 وهذا قليل بالمقارنة مع دولة مثل تشيلي التي حققت 4.5 و الدنمارك التي حققت 6 تقريبا
أنا لست متشائما ولكن ما أراه من قرارات حكومية و من مجلس النواب لا يدل على ان قيمة المؤشر التي حققها الأردن حقيقية و أن التقدم في هذا المجال ضعيف إن لم يكن في تراجع.