الخميس، 31 مايو 2012

التخطيط الاستراتيجي والتنمية الاقتصادية (إشارة إلى الاقتصاد العُماني)

التخطيط الاستراتيجي والتنمية الاقتصادية
(إشارة إلى الاقتصاد العُماني)
أ.د. حسين الطلافحة
ملخـــص:
والتخطيط الاستراتيجي هو عملية تنسيق الموارد المتاحة والفرص المتاحة للاقتصاد في المدى الطويل لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأجل تقوم على رؤية استراتيجية يُراد تحقيقها في الأجل الطويل. لذلك فالتخطيط بمعنى التفكير المسبق لما يجب عمله خلال فترة زمنية معنية لتحقيق أهداف محددة بالاعتماد على الموارد والإمكانات والفرص المتاحة يرسم الطريق إلى تحقيق الأهداف المحددة مسبقاً. ويمكن القول أنه بدون التخطيط التنموي فإن الدولة تسير باتجاه غير معروف إلى مستقبل غير مرئي فتتفاقم المشكلات والاختلالات وتهدر الثروات والطاقات ولا تتحقق أي نتائج. فالتخطيط الاستراتيجي مهم جداً لتحديد الرؤيا والهدف ويحدد الاختلالات التي لا بد من تعديلها ويرسم الطريق إلى ذلك.

بينت الدراسة أن سلطنة عُمان حققت نجاحاً كبيراً في النمو والتنمية خلال العقود الأربعة الماضية بفضل اعتماد التخطيط الاستراتيجي الذي اتبعته السلطنة منذ تولي جلالة السلطان قابوس الحكم. فقد نفذت السلطنة الخطة الاستراتيجية الأولى 1995-1970 من خلال خطط خمسية متتالية وثم أتبعتها بخطة استراتيجية ثانية طويلة الأجل 2020-1926 يتم تنفيذها من خلال خطط متوسطة المدى مدة الواحدة خمس سنوات وظهر هذا النجاح من خلال ما حققته السلطنة من معدلات نمو مرتفعة فكانت الوحيدة عربياً من بين 13 دولة في العالم التي استطاعت أن تحقق نمواً مستداماً أي معدل نمو حقيقي قيمته %7 سنوياً لمدة 25 عاماً فأكثر للفترة (1999-1960). كما حققت نمواً حقيقياً على مستوى دخل الفرد مقداره %3.5 للفترة 1990-1998 و %2.7 للفترة 2000-1990 و %2.2 للفترة 2010-2000. وعلى صعيد التعديل الهيكلي فقد تمكنت السلطنة من زيادة حصة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من %2.4 عام 1980 إلى %10.6 عام 2009 وهذا تغيير مهم جداً في تنويع القاعدة الإنتاجية.

ويعود الفضل في هذا النجاح إلى التزام القيادة السياسية بالتخطيط التنموي الاستراتيجي طويل الأجل وكذلك التخطيط متوسط الأجل والاستقرار السياسي وتحسن مستوى المؤسسات وغيرها من العوامل. وقد كان لوضوح الرؤية أهمية كبيرة في صياغة أهداف استراتيجية واضحة وقابلة للتنفيذ والتزام الحكومة بالتخطيط كنهج لتحقيق التنمية وتبني التخطيط الاقتصادي مجتمعياً الدور الأكبر لتحقيق النجاح في عملية التنمية.

التخطيط الاستراتيجي والتنمية الاقتصادية
(إشارة إلى الاقتصاد العُماني)
أ.د. حسين الطلافحة

أولاً: المقدمة
يعتبر التخطيط أداة لتحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات والذي يقوم أصلاً على الإجابة على الأسئلة الثلاث هي: أين نحن وأين نريد أن نذهب وكيفية الوصول إلى ما نريده، فالتخطيط الاقتصادي والاجتماعي يقوم على دراسة الواقع ثم تحديد الهدف والرؤيا ثم توضع السياسات لتحقيق الهدف.

والتخطيط الاستراتيجي هو عملية تنسيق الموارد المتاحة والفرص المتاحة للاقتصاد في المدى الطويل لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأجل تقوم على رؤية استراتيجية يُراد تحقيقها في الأجل الطويل. لذلك فالتخطيط بمعنى التفكير المسبق لما يجب عمله خلال فترة زمنية معنية لتحقيق أهداف محددة بالاعتماد على الموارد والإمكانات والفرص المتاحة يرسم الطريق إلى تحقيق الأهداف المحددة مسبقاً. ويمكن القول أنه بدون التخطيط التنموي فإن الدولة تسير باتجاه غير معروف إلى مستقبل غير مرئي فتتفاقم المشكلات والاختلالات وتهدر الثروات والطاقات ولا تتحقق أي نتائج. فالتخطيط الاستراتيجي مهم جداً لتحديد الرؤيا والهدف ويحدد الاختلالات التي لا بد من تعديلها ويرسم الطريق إلى ذلك. وعلى الرغم من أهمية التخطيط الاستراتيجي إلا أنه لم يدخل الاقتصاد حتى بداية الستينيات من القرن الماضي عندما دعا الرئيس الأمريكي ليندون جونسون عام 1965 إلى تطبيق نظام التخطيط الاستراتيجي في الحكومة الفدرالية. (الزميع، علي 2009)

بدأت سلطنة عُمان اعتماد التخطيط الاستراتيجي منذ عام 1970 وقد حققت نجاحاً كبيراً بالاعتماد من خلال خطط خمسية متلاحقة منذ عام 1976، تناقش هذه الورقة أهمية التخطيط الاستراتيجي للتنمية مع الإشارة إلى سلطنة عُمان لذلك تناقش واقع التخطيط في سلطنة عُمان وواقع النمو الاقتصادي والتنمية في السلطنة وتوضح كذلك مستويات التخطيط ومجالاته وأهميته في التنمية الاقتصادية ومقومات نجاحه ومعوقاته في زمن العولمة حيث الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي لكل الدول وتأثير جميع السياسات والإجراءات في أي دولة من دول العالم بما يجري خارجها.
ثانياً: واقع التخطيط في سلطنة عُمان
اعتمدت سلطنة عُمان التخطيط الاستراتيجي منذ عام 1970 حيث وضعت أول خطة استراتيجية طويلة الأجل 1995-1970 تمحورت حول رؤية جلالة السلطان قابوس منذ توليه الحكم والتي تنص على "بناء مجتمع حديث له فكره وله أصالته وله نظرته الاقتصادية القائمة على أساس تنويع المصادر والموارد وبناء القدرات البشرية التي توفر للاقتصاد القوة والمتانة وتنتج لمختلف فروعه النمو الصحي والتكامل الطبيعي والتفاعل الحيوي من أجل تنمية شاملة تواكب العصر وتستشف آفاق المستقبل". ولتحقيق هذه الرؤيا اعتمدت السلطنة استراتيجية طويلة الأجل (25 سنة) 1995-1970. والتي حددت الأهداف الاستراتيجية بشكل دقيق وواضح تضمنت تنويع مصادر الدخل من خلال تنمية مصادر جديدة بالإضافة إلى الإيرادات النفطية، من خلال تنمية قطاعات الصناعة التحويلية والتعدين والزراعة والأسماك. وتنمية الموارد البشرية ودعمها لتولي الدور الرئيسي في إدارة وتوجيه الاقتصاد العُماني مع التأكيد على التوزيع الجغرافي العادل للاستثمارات بحيث تصل عوائد التنمية إلى جميع أفراد المجتمع بشكل عادل وتقلل التفاوت في مستوى المعيشة بين مختلف المناطق في السلطنة.

كما تضمنت الأهداف الاستراتيجية للخطة تنمية المراكز السكانية والمحافظات لتجنب خطر الهجرة الداخلية وتنمية موارد المياه في كل المحافظات والمحافظة على البيئة.

وقد أكدت الاستراتيجية على أن الاقتصاد العُماني اقتصاد حر يعتمد على نشاط القطاع الخاص ويقوم على أساس المنافسة الحرة وتقدم فيه الدولة الدعم للمشروعات الحيوية وتدعم النشاط التجاري وزيادة النشاط التنافسي والمحافظة على استقرار الأسعار.

وقد اعتمد تحقيق هذه الرؤيا على خطط خمسية متتالية كانت الأولى 1980-1976 استهدفت البنية التحتية وزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني ودعم القطاع الخاص. واستهدفت الخطة الثانية 1985-1981 تعزيز الطاقة الإنتاجية واستكمال البنية التحتية ودعم القطاع الخاص. كما استهدفت الخطة الثالثة 1990-1986 الخدمات الأساسية من التعليم والصحة والخدمات الإنتاجية الأخرى، بالإضافة إلى تنمية النشاط الاقتصادي والمحافظة على التوازن المالي من خلال ترشيد الإنفاق. واستهدفت الخطة الرابعة 1995-1991 المشروعات الإنتاجية ودعمها وتنويع القاعدة الإنتاجية وتشجيع القطاع الخاص في هذا المجال (وزارة الاقتصاد الوطني – سلطنة عُمان، 2012).

واعتمدت فلسفة التخطيط في السلطنة على التخطيط التأشيري بشكل عام حيث يتم توجيه الاقتصاد من خلال سياسات اقتصادية مختلفة، ومع أن الاستثمارات الحكومية شكلت الجزء الأكبر من الخطط المتلاحقة إلا أنها حافظت على حرية السوق والمنافسة.

ومع انتهاء الخطة الخمسية الرابعة أعدت السلطنة الخطة الاستراتيجية الثانية طويلة الأجل 202-1996 بعد دراسة شاملة للاقتصاد العُماني بينت أن الاقتصاد العُماني يواجه مجموعة من التحديات منها تزايد العجز في الموازنة العامة وانخفاض الاحتياطيات المالية وتزايد الدين العام واعتماد الاقتصاد العُماني على النفط كمصدر واحد واتساع دور الحكومة في الاقتصاد وتدني إنتاجية وكفاءة الأجهزة الحكومية، وضعف التشابك بين قطاع النفط والقطاعات الأخرى وبعض التحديات الأخرى.

لذلك فقد جاءت الأهداف الاستراتيجية للخطة طويلة الأجل 2020-1996 لتركز على تنمية الموارد البشرية وتطوير القدرات والمهارات ورفع كفاءة الموارد البشرية العُمانية وكذلك تهيئة المناخ الاقتصادي الكلي لتنمية القطاع الخاص ودعم الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والطبيعية. ودعم المنافسة والقدرة التنافسية لمؤسسات القطاع الخاص وتنويع القاعدة الإنتاجية والعمل على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتعزيز مستوى المعيشة للمواطن العُماني وتخفيض التباين بين المناطق وتوزيع ثمار التنمية لتصل إلى كافة المواطنين وجميع المحافظات والمناطق الجغرافية (وزارة الاقتصاد الوطني – سلطنة عُمان، 2012).

وكما الخطة الاستراتيجية الأولى اعتمدت الخطط الخمسية المتتالية لتنفيذ الخطة الاستراتيجية الثانية طويلة الأجل فكانت الخطة الخمسية 2000-1996 والتي استهدفت بشكل عام زيادة الإنتاج النفطي وتحقيق معدل نمو مستهدف وتنويع مصادر الدخل وتطوير قطاع الغاز الطبيعي. كما شجعت الخطة الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية وذلك لدعم فرص نجاح استراتيجية التنمية طويلة الأجل والمرتكز على نشاط القطاع الخاص الذي يقود العملية التنموية. كما استهدفت خطة التنمية 2005-2001 تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي مقداره %3 سنوياً وترشيد الإنفاق العام وزيادة الإيرادات الحكومية وتنمية الموارد البشرية وتنويع القاعدة الإنتاجية وزيادة الصادرات غير النفطية وتشجيع القطاع الخاص من خلال مشاركته في تنفيذ المشاريع المتصلة بالغاز الطبيعي ورفع الإنتاجية. ثم جاءت الخطة 2010-2006 واستمرت عملية التخطيط على نفس النمط وبنفس الالتزام. (وزارة الاقتصاد الوطني – سلطنة عُمان، 2012).
أي أن سلطنة عُمان ومنذ تولي جلالة السلطان قابوس للحكم اعتمدت التخطيط الاستراتيجي وقد استمرت ملتزمة بعملية التخطيط بشكل متصل عاكسة بذلك التزام السلطة التنفيذية والحكومة بعملية التخطيط بهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطن العُماني واستدامة التنمية والنمو لذلك فقد كان النمو المستدام والتنويع الاقتصادي وتنويع القاعدة الإنتاجية وتنمية الموارد البشرية ودعم القطاع الخاص أهم الأهداف الاستراتيجية العُمانية وكذلك من أهم الأهداف لجميع خطط التنمية متوسطة الأجل. (الطلافحة، حسين، 2012).

ثالثاً    : واقع النمو الاقتصادي والتنمية في سلطنة عُمان
لقد حققت العملية التخطيطية في السلطنة نجاحاً كبيراً انعكس على معدلات النمو التي حققها الاقتصاد العُماني والذي انعكس على مستوى معيشة المواطن وظهرت في مستوى التنمية المرتفع التي حققته السلطنة مُقاساً بمؤشر التنمية البشرية. ولتوضيح هذا النجاح يمكن النظر وباختصار على ثلاثة جوانب كما يلي:

1-   النمو المستدام:
على الرغم من أن معدل النمو ليس مهماً بذاته إلا إذا انعكس على مستوى معيشة المواطن وكذلك على توزيع الدخل والاستهلاك إلا أن تحقيق نمو مستدام هو شرط ضروري لتحقيق عملية التنمية وكذلك رفع مستوى المعيشة. وقد اتفق على تعريف النمو المستدام على أنه تحقيق معدل نمو سنوي حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي مرتفع لمدة ربع قرن أو أكثر. وقد اتفق على أن معدل نمو %7 أو أكثر تعتبر مرتفعة جداً وأن مثل هذا النمو يعني تضاعف حجم الاقتصاد مقاساً بالناتج المحلي الإجمالي مرة كل عشر سنوات. وقد كانت عُمان من تلك الدول القليلة في العالم التي حققت هذا المستوى حيث تأهلت لهذا المستوى منذ 1950 وحتى 2005 13 دولة فقط من بينها بتسوانيا (1997-1960) والبرازيل (1980-1950) وكوريا الجنوبية (2001-1960) والصين (1997-1960) وسلطنة عُمان (1999-1960) وسنغافورة (2002-1967) وغيرها من الدول (علي عبدالقادر علي، 2012). إلا أن معدلات النمو في عُمان تراجعت في الفترة الأخيرة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تحقيق مثل هذا المعدل المرتفع أو المحافظة عليه لا يتأتى إلا إذا توفرت للاقتصاد القدرة على استغلال الفرص التي يتيحها الاقتصاد الدولية والحفاظ على استقرار البيئة الاقتصادية والسياسية جاذبة، وتحقيق معدلات مرتفعة من الادخار وبالتالي الاستثمار وعدم التدخل في عمل آلية السوق في تخصيص الموارد الاقتصادية ووجود حكومة ملتزمة بالأهداف الاقتصادية وقادرة على تنفيذ الخطط وذات مصداقية عالية.

2-   معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي على مستوى الفرد:
كانت سلطنة عُمان قبل عام 1973 من بين الدول التي حققت معدلات نمو سالبة حيث كان متوسط معدل النمو السنوي للفترة 1973-1960 سالب %8.7. ومع نهاية الخطة الخمسية الأولى كان متوسط معدل النمو السنوي الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي على مستوى الفرد %3.1 سنوياً للفترة 1980-1973. وقد ارتفع هذا المعدل خلال الفترة 1990-1980 ليصل إلى %3.5 سنوياً. أما خلال الفترة 2000-1990 فقد بلغ معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي %2.7. وانخفض هذا المعدل ليصل إلى %2.2 للفترة (2010-2000) أي سلطنة عُمان واعتماداً على خطة استراتيجية طويلة الأجل وخطط مرحلية متوسطة الأجل تمكنت من تحقيق معدلات نمو مرتفعة تؤدي إلى زيادة متوسط حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى الضعف خلال فترة تقل عن 20 سنة أي بمدة تقل عن مدة الخطة الاستراتيجية. (الطلافحة، حسين 2012).

3-   التحول الهيكلي:
عند مقارنة التوزيع القطاعي للناتج المحلي الإجمالي عامي 1985 و 2009 يلاحظ أن مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد انخفضت من %2.8 في عام 1985 إلى %1.0 في عام 2009 وكما زادت مساهمة الصناعة الاستخراجية بما فيها النفط من %59.3 في عام 1985 إلى %67.1 عام 2009 أما مساهمة الخدمات فقد انخفضت من %38.0 إلى %31.9 لنفس الفترة. وارتفعت مساهمة الصناعة التحويلية من %2.4 عام 1985 إلى %10.6 عام 2009. (علي، عبدالقادر علي، 2012).

وعلى الرغم من أن قطاع الصناعة الاستخراجية ما زال يشكل النسبة الكبرى من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلا أن السلطنة نجحت في زيادة حصة الصناعة التحويلية بشكل كبير وهذا ما يؤكد نجاح التخطيط في اتجاه تنويع القاعدة الإنتاجية كما أن زيادة حصة الصناعة الاستخراجية من الناتج المحلي الإجمالي يؤيد نجاح التخطيط في هدف زيادة إنتاج النفط والغاز وكذلك استغلال الموارد الطبيعية الأخرى المتوفرة في السلطنة.
4-   المفهوم الموسع للتنمية:
على الرغم من أن قيمة مؤشر التنمية البشرية لسلطنة عُمان غير متوفرة للفترة ما قبل عام 2005. إلا أن عُمان حققت تقدماً كبيراً في هذا المجال. فقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية (والذي يتكون من ثلاث مؤشرات أساسية الأول يقيس مستوى المعيشة والثاني يقيس المستوى الصحي والثالث يقيس المستوى التعليمي). حيث ارتفع هذا المؤشر من 0.696 عام 2005 والذي يعبر عن مستوى متوسط في التنمية حيث يتم تفسير قيمة المؤشر الذي يتراوح بين 0.50 وحتى 0.70 بمستوى متوسط للتنمية البشرية. وقد ارتفع هذا المؤشر في عام 2011 ليصبح 0.705 وهذا يصنف على أنه مرتفع، وقد حققت الترتيب الثامن بين الدول العربية و 89 عالمياً. (الطلافحة، حسين 2012) ولمقارنة أداء السلطنة مع الدول العربية انظر الملحق رقم 1.


رابعاً    : مستويات التخطيط ومجالاته
1-   مستويات التخطيط
على الرغم من أن التخطيط موجود منذ القدم ويرتبط بالمجتمع الإنساني وحيثما كان هناك حاجة لاتخاذ قرار اقتصادي أو اجتماعي، فسيدنا يوسف عليه السلام وضع ونفذ خطة اقتصادية سباعية أخرجت مصر من السنوات العجاف وضربت مثلاً للتخطيط الاقتصادي الناجح، إلا أن التخطيط الاقتصادي بمعناه الحديث ظهر حديثاً في القرن العشرين نتيجة التطور الصناعي والتقني وانفتاح الاقتصاديات الذي عقد الحياة الاقتصادية وخاصة بعد تضخم المجتمعات الإنسانية والمؤسسات الذي أدى إلى الحاجة إلى التخطيط وبمستوى مرتفع من الدقة. كما أن ظهور الاتحاد السوفيتي الذي طبق النظرية الاشتراكية التي قامت على التخطيط المركزي الشامل والذي استخدم بدرجات مختلفة في معظم الدول النامية ولكن بأشكال متفاوتة. وقد استمد التخطيط وخاصة ما يسمى بالتأشيري بعد زوال الاتحاد السوفيتي، فالتخطيط لم يكن مرتبطاً بالاتحاد السوفيتي بل هو ممارس في جميع الدول الغربية والمؤسسات الاقتصادية بأشكال متفاوتة (الزميع، علي، 2009). ويأخذ التخطيط مستويات مختلفة هي:

‌أ)        التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل والذي يحدد مسار المجتمع والاقتصاد لفترة طويلة من الزمن تصل إلى 25 عاماً. ويتم في هذا النوع من التخطيط تحديد الرؤية الكلية لما سيكون عليه الاقتصاد في المدى الطويل وتحدد الأهداف الاستراتيجية المرتبطة بهذه الرؤية حيث يتم ترجمة الرواية على أهداف استراتيجية طويلة الأجل ويتم ترجمة هذه الأهداف طويلة الأجل إلى أهداف كمية محددة يتم السعي لتحقيقها من خلال السياسات طويلة الأجل ومتوسطة الأجل تؤدي إلى تعديل مسارات الاقتصاد وتصحيح جميع الاختلالات الهيكلية التي تعيق الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل. وانطلاقاً من هذا المفهوم فإن إعداد الخطة الاستراتيجية تبدأ بتقويم الوضع الراهن وتحدد الرؤية والتي يتم ترجمتها إلى أهداف وغايات استراتيجية ينبثق عنها سياسات عامة وبرامج ومشروعات استراتيجية.

‌ب)   التخطيط متوسط الأجل:
اعتماداً على الخطة الاستراتيجية التي تصبح ملزمة قانونياً لكل مؤسسات الدولة والتي تحدد الأهداف الاستراتيجية بشكل عام تقسم مدة الخطة طويلة الأجل إلى خطط متوسطة الأجل تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات. (وقد اعتمدت السلطنة الخطط الخمسية) تحدد فيها الأهداف المرحلية متوسطة الأجل والمرتبطة والمؤدية إلى الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل وتكون هذه الأهداف كمية وكيفية محددة بدقة وقابلة للقياس. كما وتحدد الخطط متوسطة الأجل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية وغيرها التي تعتمد لتنفيذ الخطة. كما وتنفذ الخطة مشاريع متوسطة الأجل ترتبط بالمشاريع طويلة الأجل و الاستراتيجية المذكورة في الخطة الاستراتيجية وقد يكون جزءاً منها.

‌ج)      التخطيط قصير الأجل:
وهي خطط سنوية ترتبط وتمثل موازنة الدولة العامة والتي تكون خططاً تنفيذية للخطة الخمسية متوسطة الأجل وغالباً ما تتضمن برامج عمل ضمن الموازنة العامة.

2-   مجالات التخطيط
تتشكل أي خطة من مجموعة من البرامج التي تقع في إطار خطة التنمية البشرية مثل خطة التنمية الاقتصادية وخطة التنمية الاجتماعية وخطة التنمية الاقتصادية وخطة التنمية العمرانية والسكانية وخطة التنمية البيئية.

بالإضافة إلى مجالات تخطيط التنمية البشرية منها التخطيط للتنمية الإدارية والتي تتمحور حول تطوير الهياكل الإدارية للمؤسسات وتركيبة وحجم وقوة العمل والاحتياجات التدريبية وأساليب التدريب المختلفة وتنمية الموارد البشرية بشكل عام.

وهناك التخطيط المالي الذي يُعنى بتوفير التمويل للمشاريع المختلفة ويكون ذلك على مستوى المتوسط وقصير الأجل وغالباً ما يرتبط بموازنة الدولة. وكذلك فإن التخطيط الإنشائي يقوم على المشروعات الإنشائية للدولة والتي غالباً ما تكون مرتبطة وتنفذ من خلال الميزانية العامة للدولة.

3-   تنفيذ ومتابعة الخطة
تتكون أي خطة من مجموعة من المشاريع التي تكمل بعضها البعض لتحقق الأهداف العامة للخطة حيث يتم تجزئة الأهداف العامة إلى أهداف قطاعية تخص كل قطاع كما وتقسم هذه الأهداف القطاعية إلى أهداف جزئية على مستوى المشاريع. لذلك فكل مشروع من مشاريع الخطة له أهدافه الخاصة التي ترتبط بالأهداف القطاعية وهذه الأخرى ترتبط بالأهداف العامة، وتتولى الجهات المختلفة تنفيذ المشاريع حسب اختصاص هذه الجهات وطبيعة المشروعات.

وتحدد المشاريع في العادة بناءاً على أسس منبثقة عن خطة التنمية، وتعتبر أسس اختبار المشاريع في كل خطة من أهم عوامل نجاح الخطة. وتتلخص أسس اختيار المشاريع في مجمل الخطط العُمانية على أساس تنمية واستدامة الناتج المحلي الإجمالي وتحسين التعليم وتسريع التنويع الاقتصادي وتمكين وتطوير القطاع الخاص. بالإضافة إلى هذه الأسس العامة لاختيار المشاريع فإن الأسس التفصيلية لاختيار المشاريع تتضمن ما يلي:
‌أ.      أهمية المشروع في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للخطة.
‌ب.  توفر الموارد الاقتصادية لتنفيذ المشروع من مواد أولية وأيدي عاملة ومهارات إلى غير ذلك من الموارد الاقتصادية.
‌ج.    توفر البنية التحتية لتنفيذ المشروع.
‌د.    توفر الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشروع.
‌ه.      الآثار الاقتصادية الكلية للمشروع بحيث لا يؤدي الإنفاق العام الضخم إلى آثار سلبية في الاقتصاد.
وتعد الخطة أو البرنامج التنموي من خلال ترتيب المشاريع التي تم اختبارها من حيث أولوية التنفيذ ومرتبطة ببرنامج زمني للتنفيذ كما تعد الموارد المالية ضمن خطة تمويلية واضحة تكتسب الصيغة القانونية بعد إقرارها من المؤسسات التشريعية. (الطلافحة، حسين 2012).

وعليه فإن وثيقة أي مشروع يجب أن تتضمن تفاصيل المشروع وأهدافه ووصف المنتج وغير ذلك من الأمور الأساسية كما يجب أن يتضمن برنامج زمني للتنفيذ يبين المراحل الزمنية للإنجاز بحيث يمكن تحديد مؤشرات لقياس الإنجاز وارتباط المشروع بالأهداف العامة للخطة ومدى مساهمته في الأهداف الاستراتيجية بالإضافة إلى التكاليف مقسمة حسب مراحل إنجاز المشروع. ويتم تنفيذ الخطة من خلال تنفيذ المشاريع التي تم اختيارها وحسب الترتيب الزمني والسياسات والبرامج ويتم متابعة التنفيذ من خلال مؤشرات الإنجاز المتعددة والمرحلية والمرتبطة بالزمن.

وتعتبر عملية متابعة وتقويم التنفيذ من المهام التخطيطية الرئيسية وهي صمام الأمان لضمان نجاح الخطة، حيث يتم اكتشاف مواطن الخلل أثناء عملية التنفيذ ويتم تصحيحها. فإذا لم تتم عملية المتابعة وبشكل صحيح وعلى أسس دقيقة ومرتبطة بمؤشرات الأداء والإنجاز المعد بشكل جيد فإن عملية المتابعة تصبح مجموعة من التقارير وتجميع البيانات في الإدارات المختلفة وهذه عملية شكلية لا جدوى منها.

خامساً : أهمية التخطيط الاستراتيجي في التنمية في عصر العولمة
ترتبط الاقتصادات الخليجية ومن بينها عُمان بالاقتصاد العالمي بشكل كبير من خلال اعتماد الاقتصاد العُماني كما اقتصاد دول الخليج العربي الأخرى على النفط بشكل كبير كمصدر للدخل ولإيرادات الحكومة ولتمويل التنمية، فالنفط يشكل أغلب الصادرات (%85 من الصادرات العُمانية عام 2011) كما يشكل حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي (%46 في عُمان عام 2011) (عباس، بلقاسم 2012). ولما كان قطاع النفط من القطاعات التي تعتمد على تكثيف رأس المال لذلك فإن مساهمته في التوظيف تعتبر قليلة نسبياً.


ويظهر مدى تأثر الاقتصاد العُماني كما الاقتصادات الخليجية بالعولمة بشكل عام وبالتقلبات الاقتصادية العالمية من خلال تقلبات أسعار البترول التي تتأثر بالتغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية. أي أن تقلبات أسعار النفط ستنعكس بشكل كبير على قدرة الحكومة العُمانية على تمويل المشروعات التنموية وبالتالي على النمو الاقتصادي والتشغيل ونجاح خطط التنمية.

وقد أدى ارتفاع أسعار النفط بشكل متواصل والسنوات العشر الماضية إلى ارتفاع متوسط دخل الفرد في عُمان كما في جميع دول الخليج العربي ليصل 20.5 ألف دولار عام 2009 وأكثر من 21 ألف دولار عام 2010 بالأسعار الثابتة لعام 2005 وقد بدأ المواطن العُماني يشعر بثمار التنمية على شكل ارتفاع بدخله وتحسن وتوفر الخدمات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة انعكس على شكل تحسن في التنمية البشرية مقاساً بمؤشر التنمية البشرية كما أسلفنا.

لذلك فإن انفتاح الاقتصاد العُماني واعتماده على الأسواق العالمية والمتمثل بارتفاع نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع نسبة النفط من الصادرات والناتج المحلي الإجمالي يجعل من الاقتصاد العُماني بشكل عام والسياسات الاقتصادية والمالية متأثرةً بشكل كبير في التغيرات الاقتصادية العالمية والعولمة.

ونظراً للخلل الهيكلي في التوزيع القطاعي للاقتصاد واعتماده على النفط واعتماد القطاعات غير النفطية بشكل كبير على النفط أصبحت التقلبات الاقتصادية العالمية واسعة التأثير على أداء الاقتصاد من خلال سوق النفط وأسعار البترول. كما أن اعتماد الاقتصاد العُماني على استيراد التكنولوجيا وخاصة اللازمة للإنتاج في القطاعات ذات الكثافة العالية لرأس المال جعل تأثره بالتقلبات الاقتصادية العالمية كبيراً وأصبح تنفيذ السياسات الاقتصادية أكثر صعوبة.

من هنا، فإن التخطيط الاستراتيجي الذي يحدد الرؤية والأهداف الاستراتيجية والسياسات طويلة الأجل، بالإضافة إلى التخطيط متوسط الأجل المرتبط به مهماً جداً. فالعمل بدون خطة بهذا العالم يصبح ضرباً من العبث وضياعاً للوقت فيسير الاقتصاد في طريق مجهول باتجاه غير معروف لذلك تعم الفوضى ولا يمكن الوصول إلى أي هدف. لذلك وفي اقتصاد منفتح يصبح استشراف المستقبل وبناء التوقعات وتوقع التقلبات الاقتصادية من الأهمية بمكان يرشد السياسات الاقتصادية ويوضح طريق الوصول إلى الأهداف ويساعد في تجاوز العقبات وبالتالي نجاح الخطط الاقتصادية والاجتماعية.
سادساً : مقومات نجاح عملية التخطيط
يتطلب نجاح التخطيط الاستراتيجي مجموعة مقومات مهمة جداً ولازمة لنجاح التخطيط الاستراتيجي وكذلك التخطيط متوسط المدى تشمل:

1-   توفر الإرادة السياسية:
يعتبر التزام السلطتين التنفيذية والتشريعية بالتخطيط مهم جداً لإصدار وإنجاح العملية التخطيطية. ولا بد أن يكون هذا الالتزام طويل الأجل ولا يتغير بتغير الأشخاص والحكومات. كما أن انشغال الحكومة بملاحقة الشئون اليومية يجب أن لا يبعدها عن التخطيط والتزام المسار وإلا فإن ذلك سيؤدي إلى هدر الموارد والوقت ويعقد المشكلات والخلل الاقتصادي أينما وجد (الزميع، علي 2009). وقد أدى التزام جلالة السلطان قابوس بنهج التخطيط الاستراتيجي منذ توليه الحكم والتزام الحكومة العُمانية هذا النهج إلى النجاح الذي حققته السلطنة خلال السنوات الأربعين الماضية.

2-   التبني المجتمعي والتعبئة الشعبية:
تهدف جميع الخطط بشكل عام إلى رفع مستوى معيشة المواطن لذلك فالخطة تتعامل مع مصالح الجمهور والمؤسسات الخاصة والعامة لذلك لا بد من أن يتم تبينها من المجتمع لتيسير تنفيذها. فالخطة يجب أن تشكل عقداً اجتماعياً يقبله المواطن والمؤسسات الاقتصادية والمؤسسات السياسية ويسعى الجميع لتنفيذ. لذلك فإن وجود خطة إعلامية مكثفة للوصول إلى جميع مؤسسات المجتمع المحلي والمؤسسات الاقتصادية والحكومية وإقناعهم بالخطة مهم جداً لنجاحها (الزميع، علي 2009).

3-   توفر الخبرات الفنية المؤهلة في عملية التخطيط:
تعتبر عملية التخطيط عملية متينة فتية وهي ليست مجرد نصوص دون أساس علمي. لذلك فإن توفر الخبرات الفنية المحترمة ضروري لإعداد وتنفيذ الخطط بنجاح كما أن توفر القدرات الفنية والموارد البشرية المؤهلة واللازمة لنمو الاقتصاد مهم جداً وأساسي لنجاح التخطيط وتحقيق الأهداف (الزميع، علي 2009).


4-   حسن إعداد الخطة:
فالتخطيط الناجح لا بد وأن يقوم على خطة محكمة الإعداد تكون فيها الرؤية واضحة والأهداف الاستراتيجية محددة وبالتالي فإن الأهداف المرحلية تكون محددة وواضحة وواقعية ومنسجمة ومتناسقة وقابلة للقياس فتؤدي إلى توحيد الجهود ولا تشتتها.

وتقوم الخطة الجيدة على تنبؤات مستقبلية دقيقة وجيدة تعتمد على عملية مستمرة في استشراف المستقبل، فيكون التنبؤ بالأحداث والتغيرات الاقتصادية جيداً والمعلومات الإحصائية دقيقة. لذلك فالسياسات الاقتصادية والتنموية تكون رشيدة والإجراءات مناسبة. كما أن الخطة تتصف بالوضوح والمرونة وتراعي الجوانب الإنسانية عند التنفيذ (الزميع، علي 2009).

سابعاً   : معوقات التنمية والتخطيط
تتفاوت معوقات نجاح التخطيط التنموي بين معوقات مرتبطة بالالتزام والقناعة بالتخطيط كتعريف للتنمية مثل ضعف الإرادة السياسية وضعف التزام السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بالتخطيط التنموي وضعف تبني المجتمع للخطط التنموية والخلل في بنية المنظومة التخطيطية وكذلك عدم وضوح الأهداف وضعف السياسات وضعف الموارد البشرية وعدم القدرة على التنبؤ إلى غير ذلك من المعوقات الفنية.

إلا أن المعوقيْن اللذين لا بد من الإشارة لهما بشكل واضح هما الاستقرار السياسي وضعف المؤسسات.

1-   الاستقرار السياسي:
يعتبر الالتزام السياسي التزام القيادة السياسية بالتنمية التزاماً مدعوماً بالعمل واتخاذ القرارات المناسبة من أهم الأسباب الداعمة لنجاح العملية التنموية. ويتفاوت عدم الاستقرار السياسي من التغير السريع في الحكومات والتوجيهات الحكومية وأولوياتها بحيث يتغير التزام الحكومات المتتالية بالأهداف التنموية والرؤية والأهداف الاستراتيجية إلى الحروب الداخلية أو مع عدو خارجي.


ومع أن معظم الدول العربية عانت وتعاني من عدم الاستقرار السياسي إلا أن سلطنة عُمان تنعم بالاستقرار السياسي بشكل كبير. ولتوضيح ذلك يمكن النظر إلى مؤشر الاستقرار السياسي الذي يصدره البنك الدولي والذي يقيس عملية ممارسة السلطة وتغير الحكومات ومقدرة الحكومة على صياغة السياسات وتنفيذها. وتتراوح قيمة المؤشر بين 2.5 للتعبير عن أعلى درجات الاستقرار السياسي وسالب 2.5 للتعبير عن أدنى درجات الاستقرار السياسي. ويشير هذا المؤشر إلى أن عُمان تتمتع بدرجات استقرار جيدة بشكل عام وهو من بين أعلى الدول العربية استقراراً، فقد كانت قيمة هذا المؤشر موجبة لجميع السنوات وتزيد عن 0.8 في معظم السنوات التي تتوفر فيها المعلومات وصلت في السنوات الأخيرة إلى 0.89. وقد احتلت الترتيب الثاني في الدول العربية بعد قطر. وهذا مؤشر إيجابي ويتوافق مع ما حققته السلطنة في التنمية البشرية ولمقارنة وضع السلطنة مع الدول العربية يمكن النظر إلى الملحق رقم (2). (الطلافحة، حسين 2012).

2-   ضعف المؤسسات:
يقصد بالمؤسسات جميع القيود التي يتعارف عليها المجتمع لحكم العلاقات المتبادلة بين أفراده بما في ذلك المؤسسات الرسمية وهي القوانين والتشريعات وكذلك المؤسسات غير الرسمية وهي الأعراف والتقاليد والعادات (علي، عبدالقادر علي، 2007).
ويعتبر ضعف المؤسسات من أهم معوقات التنمية حيث دلت الدراسات الكثيرة على أن ضعف المؤسسات تعيق تنفيذ خطط التنمية وتقلل معدل النمو وتعيق التنمية بشكل عام (علي، عبدالقادر علي، 2007) (الطلافحة، حسين 2012).

وهناك مؤشرات دولية مختلفة لقياس المؤسسات منها مؤشرات بيت الحرية التي تقيس الحريات السياسية والمدنية ومنها مؤشرات الحاكمية وفعالية الحكومة وغيرها. ولغرض هذه الدراسة يمكن الاعتماد على أحد أهم المؤشرات المستخدمة في هذا المجال وهو مؤشر محاربة الفساد لما له من أهمية في التنمية. وتتراوح قيمة مؤشر مكافحة الفساد بين 2.5 للتعبير عن أقصى درجات مكافحة الفساد وتقدم المؤسسات. وسالب 2.5 للتعبير عن أقل درجات مكافحة الفساد وضعف المؤسسات.

وتشير قيمة هذا المؤشر لسلطنة عُمان على أن مستوى محاربة الفساد جيدة حيث كان المؤشر موجباً طيلة السنوات الخمسة عشر الماضية وتتراوح قيمته حالياً 0.5 وتحتل السلطنة المرتبة الثالثة خليجياً وعربياً من حيث مكافحة الفساد بعد قطر والإمارات العربية المتحدة. ولمقارنة حالة السلطنة مع الدول العربية يمكن النظر إلى الملحق رقم (3).

ثامناً    : الخاتمة
بينت الدراسة أن سلطنة عُمان حققت نجاحاً كبيراً في النمو والتنمية خلال العقود الأربعة الماضية بفضل اعتماد التخطيط الاستراتيجي الذي اتبعته السلطنة منذ تولي جلالة السلطان قابوس الحكم. فقد نفذت السلطنة الخطة الاستراتيجية الأولى 1995-1970 من خلال خطط خمسية متتالية وثم أتبعتها بخطة استراتيجية ثانية طويلة الأجل 2020-1926 يتم تنفيذها من خلال خطط متوسطة المدى مدة الواحدة خمس سنوات وظهر هذا النجاح من خلال ما حققته السلطنة من معدلات نمو مرتفعة فكانت الوحيدة عربياً من بين 13 دولة في العالم التي استطاعت أن تحقق نمواً مستداماً أي معدل نمو حقيقي قيمته %7 سنوياً لمدة 25 عاماً فأكثر للفترة (1999-1960). كما حققت نمواً حقيقياً على مستوى دخل الفرد مقداره %3.5 للفترة 1990-1998 و %2.7 للفترة 2000-1990 و %2.2 للفترة 2010-2000. وعلى صعيد التعديل الهيكلي فقد تمكنت السلطنة من زيادة حصة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من %2.4 عام 1980 إلى %10.6 عام 2009 وهذا تغيير مهم جداً في تنويع القاعدة الإنتاجية.

ويعود الفضل في هذا النجاح إلى التزام القيادة السياسية بالتخطيط التنموي الاستراتيجي طويل الأجل وكذلك التخطيط متوسط الأجل والاستقرار السياسي وتحسن مستوى المؤسسات وغيرها من العوامل. وقد كان لوضوح الرؤية أهمية كبيرة في صياغة أهداف استراتيجية واضحة وقابلة للتنفيذ والتزام الحكومة بالتخطيط كنهج لتحقيق التنمية وتبني التخطيط الاقتصادي مجتمعياً الدور الأكبر لتحقيق النجاح في عملية التنمية.

المراجــــع


-        الزميع، علي، التخطيط ودوره في التنمية، في واقع ومستقبل التخطيط بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي. تحرير د. رياض بن جليلي وصالح العصفور، المعهد العربي للتخطيط، 2009.

-        الطلافحة، حسين، التخطيط والتنمية في الدول العربية، سلسلة جسر التنمية، المعهد العربي للتخطيط، 2012.

-        عباس، بلقاسم، تحديات النمو الاقتصادي في الدول الخليجية، سلسلة جسر التنمية، العدد 109، المعهد العربي للتخطيط، 2012.

-        علي، عبدالقادر علي، ملاحظات استكشافية حول النمو المستدام، المعهد العربي للتخطيط، 2012.

-        علي، عبدالقادر علي، نوعية المؤسسات والأداء التنموي، سلسلة جسر التنمية، العدد 62، المعهد العربي للتخطيط، 2007.









الملاحـــــــق

الملحق رقم (1): قيمة مؤشر التنمية البشرية للدول العربية

الدولة
1980
1990
2000
2005
2009
2010
2011








الإمارات
0.629
0.690
0.753
0.807
0.841
0.845
0.846
قطر
0.703
0.743
0.784
0.818
0.818
0.825
0.831
البحرين
0.651
0.721
0.773
0.795
0.805
0.805
0.806








السعودية
0.651
0.693
0.726
0.746
0.763
0.767
0.770
الكويت
0.688
0.712
0.754
0.752
0.757
0.758
0.760
ليبيا
..
..
..
0.741
0.763
0.770
0.760
لبنان
..
..
..
0.711
0.733
0.737
0.739
عُمان
..
..
..
0.694
0.703
0.704
0.705
تونس
0.450
0.542
0.630
0.667
0.692
0.698
0.698








الأردن
0.541
0.591
0.646
0.673
0.694
0.697
0.698
الجزائر
0.454
0.551
0.624
0.667
0.691
0.696
0.698
مصر
0.406
0.497
0.585
0.611
0.638
0.644
0.644
فلسطين المحتلة
..
..
..
..
..
0.640
0.641
سوريا
0.497
0.548
0.583
0.621
0.630
0.631
0.632
المغرب
0.364
0.435
0.507
0.552
0.575
0.579
0.582
العراق
..
..
..
0.552
0.565
0.567
0.573








اليمن
..
..
0.374
0.422
0.452
0.460
0.462
جيبوتي
..
..
..
0.402
0.425
0.427
0.430
السودان *
0.264
0.298
0.357
0.383
0.403
0.406
0.408

الملحق رقم (2): مؤشر الاستقرار السياسي في الدول العربية
 















المصدر: البنك الدولي  http//info:worldbank.org/governance/wgi/index.asp.  

الملحق رقم (3): محاربة الفساد
 















        المصدر :البنك الدولي : (http//info.worldbank.org/governance/wgi/index.asp)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق